الاستثمار

قفزة أسعار واختفاء بضائع عقب إغلاق الاحتلال معابر غزة

962 – أثار إعلان مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، منع دخول جميع البضائع والإمدادات الإنسانية والتجارية إلى قطاع غزة موجة من غلاء الأسعار في أسواق القطاع، التي تعاني أصلاً شحّاً في المواد الغذائية والبضائع الأساسية وغلاء كان “مقدوراً عليه في الأيام الماضية من الهدوء ووقف إطلاق النار”.

وتُسبّب سياسة التقطير التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي في دخول البضائع منذ بدء الحرب أو حتى بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار اضطرابَ الأسواق وعدم توافق المعروض فيها مع المطلوب، الأمر الذي خلق حالة من الاختلال السعري والزيادة الكبيرة والمتواصلة.

ويزيد حلول شهر رمضان صاحب المتطلبات المتزايدة، من عمق أزمة ارتفاع الأسعار منذ بدء العدوان على غزة، حيث يتعمد الاحتلال تعطيش الأسواق عبر التحكم في كميات الدخول الشحيحة، وهو أمر ألقى بظلاله القاسية على الأسعار.

ويعد معبر كرم أبو سالم الذي يعتبر المعبر الرئيسي لإدخال البضائع والمواد الأساسية إلى قطاع غزة أحد العوامل السلبية التي تؤثر على أسعار السلع في القطاع، فهو المصدر الأساسي لاستيراد المواد الغذائية، الخضروات، والحبوب، والوقود، ويمكن لأي خبر يتعلق بإغلاقه المساهمة في زيادة أسعارها بشكل سريع.

وأكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة لـ”العربي الجديد” أن الاحتلال الإسرائيلي أعاق تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عبر عرقلة دخول الشاحنات والمساعدات والبيوت المتنقلة، مشيراً إلى أنّ ما يردده الاحتلال بشأن وجود مساعدات ومخزون من البضائع يكفي لخمسة أشهر هي محض أكاذيب. وقال الثوابتة إنّ “هذا الادعاء محض تضليل وقلب للحقائق، ويهدف إلى تبرير الجريمة المستمرة بحق 2.4 مليون إنسان في غزة”.

وصباح أمس، قرر نتنياهو إغلاق المعابر الحدودية مع غزة ووقف إدخال كامل المساعدات بذريعة رفض حركة حماس مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وبالتزامن مع هذا، شهدت أكثر من منطقة في قطاع غزة عمليات قصف واستهداف إسرائيلي طاولت عدة مناطق في بيت حانون شمالي القطاع ورفح وخانيونس جنوبي القطاع، ما سبّب استشهاد فلسطينيين وإصابة عدد آخر.

ولفت الثوابتة إلى أن المعدل اليومي للشاحنات التي يُفترض دخولها إلى قطاع غزة خلال الفترة الماضية كان أقل من 300 شاحنة يومياً بما فيها الشاحنات التجارية، مع أن البروتوكول الإنساني ينص على إدخال ما لا يقل عن 600 شاحنة يومياً لتلبية الحد الأدنى.

وأشار إلى أن من بين الأشياء الممنوعة هي المواد الغذائية الأساسية بكميات كافية، ما يؤدي إلى تفاقم الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال، بالإضافة إلى الإمدادات الطبية والأدوية، حيث يعاني القطاع الصحي نقصاً حادّاً في الأدوية والمستلزمات الضرورية لإنقاذ حياة المرضى والجرحى.

وشدد على أن ما يدخل حالياً لا يكفي لسد 20% من احتياجات الشعب الفلسطيني، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية يوماً بعد يوم، مبيناً أن تقارير المؤسسات والمنظمات الدولية تؤكد أن المخزون الغذائي في غزة يكاد ينفد تماماً، حيث تعتمد أكثر من ربع مليون عائلة بإجمالي مليوني إنسان على مساعدات محدودة لا تسد الاحتياجات الأساسية.

واعتبر الثوابتة أن وقف إدخال المساعدات وتقييد حركتها يؤدي إلى كارثة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، أبرز تداعياتها تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، واستمرار هذه الأزمة العميقة المتدحرجة وتفاقم الجوع والفقر بشكل أكبر حيث إن 80% من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أصبحوا يعتمدون بالكامل على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

ويفاقم منع إدخال المساعدات، الغلاء المتزايد في أسعار المواد الغذائية، والخضروات، واللحوم، والبقوليات والحلويات، بالتزامن مع شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعاً في الطلب على السلع الأساسية.

غلاء أحجار غزة… وبدائل مكلفة لمواد البناء

ووفق جولة لـ”العربي الجديد” لوحظ ارتفاعٌ إضافي في أسعار الكثير من السلع الأساسية، بعد إعلان حكومة الاحتلال إغلاقَ المعابر. وتقول الفلسطينية فاطمة زهد التي كانت تشتري لوازم بيتها من سوق الصحابة وسط مدينة غزة، إنّ الأوضاع أصبحت صعبة جداً وتتزايد صعوبتها لحظة بعد الأخرى، مشيرةً إلى أنه مع إعلان إغلاق المعابر ووقف دخول المساعدات والبضائع ارتفعت الأسعار المرتفعة أصلاً. وتضيف لـ”العربي الجديد”: ” كل شيء يمكن أن يساهم بغلاء الأسعار، بينما لا يمكن لشيء أن يخفضها مجدداً، في الوقت الذي نعاني جميعاً ظروفاً اقتصادية معدومة”.

وتلفت زهد إلى ارتفاع الأسعار في كل السلع الضرورية والمهمة، بدءاً من الخضروات إلى المواد الغذائية الأساسية مثل الزيت، والسكر، والأرز، وهو أمر بات يشعرها وأسرتها المكونة من سبعة أفراد بالإرهاق الشديد، خاصة في ظل عدم وجود مصدر دخل، باستثناء بعض المساعدات الإنسانية الشحيحة.

وعن طريقة تعامله مع غلاء الأسعار، يوضح الفلسطيني كامل نبهان لـ “العربي الجديد” أنه بات يجبر على التقليل من بعض المواد والاكتفاء بما هو ضروري فقط “هذا الغلاء يعمق الأزمة المعيشية في غزة، ويزيد من معاناتنا اليومية”. ويجد نبهان صعوبة بالغة في التكيف مع غلاء الأسعار في ظل هذه الظروف القاهرة والتي يسبّبها العدوان الإسرائيلي من جهة، وطمع التجار والباعة وجشعهم من جهة أخرى، ويقول “نحن مجبرون على التأقلم لاعتقادي بعدم وجود حل قريب إلا إذا تغيرت الظروف السياسية”.

من ناحيته، يبين بائع الخضار الفلسطيني أمجد الحمامي، أن الأسعار لم تشهد أي استقرار منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، بينما يساهم إغلاق المعابر والتحكم في دخول البضائع في أسعارها، خاصة في ظل زيادة الإقبال عليها مع حلول شهر رمضان. ويلفت الحمامي لـ “العربي الجديد” إلى أن قصف وتدمير الأراضي الزراعية كان من أبرز أسباب ارتفاع أسعار الخضروات، حيث أصبح الاعتماد بشكل أساسي على الاستيراد من الخارج، وهو ما بات يتحكم فيه الاحتلال الإسرائيلي من خلال فتح وإغلاق المعابر وفق أهوائه ومصالحه السياسية، والتي تلقي بظلالها الفورية على الأسواق.

ويتابع “الأسعار ارتفعت بشكل غير معقول في الفترة الأخيرة، البطاطا، والبندورة، والخيار كانت في وقت سابق بأسعار معقولة، لكن الآن الأسعار ارتفعت بسبب المعابر وارتفاع تكاليف النقل والمواصلات، ما يجبرنا على الشراء بأسعار أعلى بكثير، ولذلك نضطر إلى رفع الأسعار لتغطية تكاليفنا”.

غزة… إعادة فتح المشاريع الصغيرة بارقة أمل في مواجهة التهجير

وعن تأثير الزيادة في الأسعار على الزبائن، يبين البائع صبحي الرفاتي أن الناس في غزة يعانون الفقر والبطالة بسبب الحصار والعدوان، ولديهم ميزانيات محدودة، خاصة مع حلول شهر رمضان، ما بات يدفعهم إلى الاقتصار على شراء الأساسيات فقط.

ويقول الرفاتي لـ”العربي الجديد”: “المشكلة ليست في التجار بشكل عام، بل في بعضهم إلى جانب الظروف العامة في القطاع، الحصار والقيود على المعابر والتكاليف الباهظة هي السبب الرئيسي إلى جانب جشع كبار التجار وتحكمهم في الأسعار”.

ويشكل الغلاء ضغطاً كبيراً على العائلات الفلسطينية في غزة، التي تعاني بالفعل معدلات فقر مرتفعة بسبب الحصار المستمر على القطاع والعدوان الإسرائيلي الذي ضاعف كذلك معدلات البطالة، حيث يُضطر المواطنون إلى تخفيض استهلاكهم من بعض المواد الأساسية، مما يؤثر على جودة غذائهم وعلى سلوكاتهم الاستهلاكية. -(العربي الجديد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button