
962 – خاص
إشارات إيجابية متزايدة تراكمت على مدار الشهرين الأخيرين، لوجود مرحلة جديدة من العلاقات السياسية والاقتصادية بين الأردن وسورية، بعد حالة الفتور التي عرفتها العلاقات بين البلدين إبان حقبة نظام بشار الأسد.
الانفتاح الأردني على العهد الجديد في سورية، بدا واضحًا منذ اللحظات الأولى لرحيل النظام السابق، حيث كان وزير الخارجية وشؤون المُغتربين، أيمن الصفدي، أول وزير خارجية عربي يزور العاصمة دمشق، بعد سقوط الأسد.
واليوم مع زيارة الرئيس السوري الإنتقالي، أحمد الشرع، إلى الأردن، يأمل كثيرون أن تُشكل هذه الزيارة، صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين الشقيقين، تقود إلى شراكة استراتيجية شاملة، لا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
كما يأمل الكثير بأن توفر زيارة الرئيس الشرع للأردن، موطىء قدم في إعادة إعمار سورية وتنميتها، فضلًا عن تمهيد الطريق لحل أزمة اللجوء السوري في المملكة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2024، ارتفاعًا بنسبة 4 %، مُقارنة بالفترة نفسها من العام 2023، ليبلغ نحو 96 مليون دينار، بحسب تقرير التجارة الخارجية، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
وقبل بدء الأزمة السورية، العام 2011، سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 450 مليون دينار، إذ سجلت الصادرات الأردنية 181 مليون دينار، فيما بلغت المُستوردات من سورية 268 مليون دينار.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني التقى اليوم الأربعاء في عمان، الرئيس الشرع، حيث أكد جلالته وقوف الأردن إلى جانب السوريين في إعادة بناء بلدهم، عبر عملية يُشارك بها مُختلف مُكونات الشعب، بما يضمن وحدة وأمن واستقرار سورية.
كما تم خلال اللقاء بحث فُرص تطوير التعاون، والوصول إلى صيغ مُشتركة في زيادة واستدامة التنسيق على مُختلف الصعد، بما يُحقق المصالح المُشتركة، ويُعزز وحدة الصف العربي، فضلًا عن التأكيد على عُمق العلاقات الأخوية، والحرص على توسيع التعاون في مجالات التجارة والطاقة والمياه.
وحول القراءة السياسية والاقتصادية لزيارة الرئيس الشرع إلى الأردن، قال المُختص في الاقتصاد السياسي، زيان زوانة، “إن هذه الزيارة
تكتسب أهمية سياسية واقتصادية كبيرة، تنبع من القواسم التاريخية والجغرافية والديموغرافية المُشتركة بين البلدين”.
وأوضح، في تصريح خاص لموقع “962 الإخباري”، أن القواسم المُشتركة بين البلدين، تُتيح لهما وضع سياسات شمولية إقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية وحدودية، تخدم الشعبين الأردني والسوري، خصوصًا في ظل الأوضاع السورية الراهنة، مُشيرًا إلى أن القيادة السورية أعلنت عن رغبتها في إعادة بناء سورية.
وأكد زوانة أن قيادتي البلدين يُمكن أن تُسهما في وضع أسس قوية للعلاقات، تضمن تحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعبين الشقيقين، وذلك من خلال تركيز العمل على مجموعة من الملفات المُشتركة.
وتطرق إلى هذه الملفات، فمن الجانب السوري تتمثل بـ: حاجة سورية لجهود فنية في المجالات الهندسية والتعليمية والخدمية والأمنية، من أجل إعادة إعمار سورية، وهذه مُتوفرة في الأردن على أعلى مُستويات المهنية، فضلًا عن أن قُرب المسافة بين البلدين، يُمكن أن يلعب دورًا أساسيًا، لما له من جدوى اقتصادية ومالية.
أما من الجانب الأردني، يستطيع الأردن تزويد سورية بالكهرباء وبالخبرات الهندسية بأنواعها، من مُدن وطُرق وإعمار داخلها، عدا عن القدرة على توفير الخبرات الأمنية لقوات الأمن السورية، خصوصًا الخبرات الأمنية الحدودية، بما يخدم الطرفين ويُرسخ قنوات الاقتصاد والتجارة بينهما.
وقال زوانة يستطيع أن يضع الجانبين أُسس أمن الحدود بينهما، ما ينقلها من حالتها السابقة، التي كان الأردن من طرفه يتحمل مسؤوليتها، إلى جهد مُشترك يُحقق الأمن المُستدام للبلدين وشعبيهما.
وأشار إلى أن المملكة لديها خبرات كبيرة في المجال المصرفي، حيث سبق وفتحت بعض البنوك الأردنية فروعًا لها في سورية، خصوصًا أن الجهاز المصرفي الأردني مشهود له بأعلى درجات المهنية والمُمارسة المسؤولة.
وأكد زوانة أهمية العمل على هذه الملفات، والإسراع بتنفيذها، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، علمًا بأن بعضها يُمكن تفعيله خلال فترة زمنية قصيرة، بينما يحتاج البعض الآخر لفترة أطول، كما في ملف حصص المياه.