
962 الإخباري– في تطور لافت ضمن معركة التكنولوجيا والتجارة بين الولايات المتحدة والصين، عاد الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب إلى الواجهة عبر تصريح فجّر جدلاً واسعاً، حين قال إنه مستعد لبحث صفقة محتملة مع الصين تقضي ببيع تطبيق “تيك توك” لشركات أميركية مقابل إعفاء بكين من بعض الرسوم الجمركية المفروضة على وارداتها.
صفقة تحت الضغط
في تصريحات أدلى بها على متن الطائرة الرئاسية، أوضح ترامب أن “هناك احتمالاً بأن توافق الصين على صفقة تيك توك، مقابل طلب بشأن الرسوم الجمركية”. وأضاف: “قد نستخدم هذه الرسوم للحصول على شيء في المقابل”. يأتي ذلك في ظل سريان مهلة حتى 5 أبريل لإتمام صفقة بيع التطبيق، تحت تهديد الحظر الكامل في السوق الأميركية.
لماذا كل هذا القلق من تيك توك؟
تيك توك، التطبيق الشهير لمقاطع الفيديو القصيرة، تجاوز الـ3 مليارات تحميل عالميًا، ويمتلك أكثر من 1.4 مليار مستخدم نشط شهريًا. وتقول السلطات الأميركية إن خطورته لا تكمن فقط في مدى انتشاره، بل في ما تصفه بخوارزمياته “الذكية جدًا”، التي تتابع أدق سلوك للمستخدم وتتعلم منه لتغذية محتواه بما يناسبه بشكل يثير المخاوف من تأثيره النفسي خصوصاً بين المراهقين.
لكن التهمة الأكبر الموجهة للتطبيق تتعلق بمخاوف أمن قومي، تتهم واشنطن بموجبها الشركة الأم “بايت دانس” بأنها قد تشارك بيانات المستخدمين مع الحكومة الصينية – وهي تهم نفتها الشركة مرارًا.
في يناير 2025، أيدت المحكمة العليا الأميركية قانونًا يُجبر بايت دانس على بيع تيك توك أو مواجهة الحظر. غير أن ترامب عاد ليقترح تجميد القرار مقابل صفقة استحواذ مستثمرين أميركيين على 50% من فرع التطبيق داخل الولايات المتحدة. تلك المناورة السياسية، بحسب مراقبين، تمهد لصفقة أشبه بـ”المقايضة”: تيك توك مقابل إعفاء جمركي.
تيك توك ليس مجرد تطبيق ترفيهي. هو اليوم – وفق ما يرى بعض الخبراء – مختبر عالمي للتحليل النفسي عبر الذكاء الاصطناعي، ومنصة احتجّ عبرها الملايين حول العالم، خاصة خلال مظاهرات مثل “جورج فلويد” و أهمها أحداث غزة وفلسطين.
تقول التقارير المنشورة حول الانترنت أن التيك توك تجاوز فعلياً أثر منصات شركة “ميتا”، وأصبح صداعًا في رأس السياسيين وصناع القرار. فالولايات المتحدة تجد نفسها أمام تحدي موازنة بين الأمن القومي، وحرية التعبير، والهيمنة الرقمية.
ما وراء أهداف “الأمن القومي”
ورغم أن الإدارة الأميركية تبرر هذه الإجراءات بدوافع تتعلق بـ”الأمن القومي” ومنع مشاركة بيانات الأميركيين مع الحكومة الصينية، إلا أن المتابعين يرون في هذه الحملة ما هو أعمق. فترامب، كسابقيه، يسعى إلى السيطرة على أدوات الإعلام الرقمي والتأثير على الرأي العام من خلال فرض الهيمنة على أكثر المنصات تأثيرًا بين الشباب. تطبيق “تيك توك”، الذي كشف مرارًا عن روايات مضادة للخطاب الإعلامي الأميركي والغربي خصوصًا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يشكل مصدر قلق للولايات المتحدة وإسرائيل، لما له من قدرة على نشر الحقيقة بعيدًا عن المنصات الخاضعة للرقابة.
ليس جديدًا على ترامب استخدام الرسوم الجمركية كأداة تفاوض. لكنه الآن يربطها بشكل مباشر بمصير تطبيق بحجم تيك توك، وهو ما فُسّر بأنه ضغط على الصين لتقديم تنازل واضح، في وقت تعاني فيه بكين من تباطؤ اقتصادي وتراجع صادراتها نحو الولايات المتحدة.
وفي ظل تزايد الضغط السياسي، قضت المحكمة العليا الأميركية بإلزام “بايت دانس” ببيع التطبيق أو مواجهته الحظر. بينما لوّح ترامب، من جهته، بتجميد الحظر لمدة 75 يومًا إضافية لمنح فرصة للتوصل إلى صفقة بقيادة مستثمرين أميركيين يمتلكون 50% من “تيك توك”.
ويصف مراقبون هذه الخطوة بأنها ليست سوى محاولة لتأميم المنصة تحت ذريعة الأمن القومي، من أجل تحويلها إلى أداة أميركية جديدة تتحكم في ما يصل إلى مليارات العقول حول العالم.