
962-خاص
أثارت مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة ، بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والسيطرة عليه مخاوف النظام السياسي العربي ، الذي يرى في ذلك تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي خاصة وأن تلك المخططات تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية على حساب الأردن ومصر.
و عكفت الدول العربية التي رفضت جميعها مخططات ترامب بقيادة مصر خلال الأسابيع الأخيرة على بلورة مقاربة مناسبة لإجهاض مخططات الإدارة الأمريكية المتماهية تماما ، مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف، و وضع تصور لإنهاء الحرب على غزة و آلية لحكمها بما يفضي لإعادة إعمار قطاع غزة وتحقيق السلام المستدام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي .
و كشفت مصر مؤخرا خلال القمة العربية الطارئة التي استضفتها لبحث الرد العربي على مخططات ترامب ، النقاب عن “الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة”، والتي حظيت بإجماع عربي ، ومن المقرر أن تعرضها الدول العربية بشكل جماعي على الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي خلال الفترة المقبلة ، و هنا تبرز تساؤلات عدة ، حول واقعية هذه الخطة ؟ و مدى قبولها من الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال، وهل ستقود إلى السلام في المنطقة ؟
وجاء في الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة أن “التعافي المبكر سيستغرق 6 أشهر ويشمل رفع الأنقاض وتركيب مساكن مؤقتة”، في حين أن إعادة الإعمار بالكامل ستستغرق 5 سنوات.
و ستنفذ الخطة على مرحلتين ، المرحلة الأولى ستكلف 20 مليار دولار، قي حين أن المرحلة الثانية ستكلف 30 مليار دولار.
ستستغرق المرحلة الأولى عامين وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية وستستغرق المرحلة الثانية عامين ونصف وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية أخرى ومطار بغزة، وبالتالي تصل تكلفة إعمار قطاع غزة الإجمالية وفق الخطة المصرية إلى 53 مليار دولار.
خطة طموحة
و في رده على تساؤلات موقع “962 الإخباري ” المتعلقة بالخطة المصرية لإعمار غزة، أعتبر الخبير السياسي منذر الحوارات أن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة تعد طموحة و واقعية ، لكنها تواجه تحديات كبيرة ، خاصة في ما يتعلق بتمويل ، إذ تتطلب دعم ماليا كبير لا سيما من دول الخليج العربي والمجتمع الدولي و هذا الدعم لن يكون سهلا في ظل الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم ، إضافة إلى تحدي الاستقرار الكلي الذي يعد الشرط الإساسي لإعادة الإعمار وهذا غير مضمون الجانب من إسرائيل ، علاوة على الصعوبات اللوجستية وإنشاء مناطة آمنة مؤقتة والتي تبدو معقدة للغاية في ظل حجم الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي خلال الأشهر ال15 الماضية .
و أوضح الحوارات أن حجم الإجرام الإسرائيلي في غزة ومخططات التهجير التي ترغب الإدارة الامريكية إعادة تشكيل غزة وفقها وما تحمله من مخاطر لتهديد الأمن القومي العربي ، خلقت حافز كبير للدول العربية لتوحيد مواقفها في رفض مخططات ترامب ، ودعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة ، معتبرا ان هناك محاولة جادة لإرساء موقف عربي موحد بعد سنوات طويلة من التشرذم والانقسام .
وأشار الحوارات إلى أن القمم والمبادرات العربية وما يصدر عنها من بيانات دائما ما تكون قوية ومتفقة على الخطوط العريضة، لكن آليات تنفيذها دائما ما تشوبها اختالالات نتيجة حجم الانقسام الداخلي ما بين الدول العربية وضعف التنسيق فيما بينها ، تعدا عن تباين مصالحهم .
موقف أمريكا …قبول جزئي بالخطة
وحول توقعه للموقف الأمريكي من الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة ، يرى أن أمريكا سترحب بجزء منه خاصة المتعلق بتمويل إعادة إعمار غزة ، لكنها لن تقبل بسهولة بالأجزاء الأخرى ذات الصلة بشكل الحكم في غزة بعد نهاية الحرب، لتضاربها مع تطلعات ترامب لغزة و إعادة تشكيلها دون الفلسطينيين وتحويلها لمنطقة تنموية وسياحية ، على غرار “ريفييرا “، كما أن خطة الإعمار لا تتوافق مع رؤية نتيناهو للغزة بعد الحرب ، والسيطرة عليها لأطول مدة ممكنة.
ولفت الحوارات ، إلى ان إسرائيل لديها موقف رافض للسلطة الفلسطينية وحل الدولتين ، والأمر ذاته بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية .
و حول موقف حماس من الخطة المصرية ، يرى الحوارات أن حماس غالبا ستقبل بالجوانب الإنسانية للخطة ، لكنها ستمانع خروجها من المشهد بشكل كلي ، إلا انه قد يكون هناك توافقات ما في الكواليس بين حماس والمخابرات المصرية ، ستنكشف مع الأيام .
ترامب أكبر خطر يهدد القضية الفلسطينية
بدوره قال المختص في الاقتصاد السياسي زيان زوانة لموقع “962 الإخباري”: ، أن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة مهمة للغاية لتهميش خطط ترامب ونتنياهو بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية ، إذ تعد الخطة المصرية ضرورية لدفع خطط الأمريكيين والإسرائيليين إلى غياهب النسيان، خاصة في ظل ما تحمله من تهديدات على الامن القومي لكل من الأردن ومصر .
وأوضح زوانة أن المرحلة تتسم بالتعقيد وتناقض مصالح الأطراف الإقليمية كافة ، لذا من الضروري المحافظة على منظمة التحرير الفلسطينية كجسم فلسطيني ومظلة تمثيلية قانونية و دولية ، إضافة إلى إحياء مطلب حل الدولتين ، وضرورته لتكريس السلام طويل الأجل.
وأشار زوانة إلى أن ترامب يشكل خطر على القضية الفلسطينية خاصة انه يحاول السيطرة على أوراقها بيده ، ما سيشكل خطر على مستقبل القضية طوال وجود ترامب في البيت الأبيض.