الحريات

هارفارد تتحدى ترامب: معركة قانونية بمليارات الدولارات على استقلال الجامعات الأمريكية

962 الإخباري- في واحدة من أكثر المواجهات القانونية والرمزية إثارة للجدل في تاريخ التعليم العالي الأمريكي، رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب، متهمةً إياها باستخدام السلطة التنفيذية للضغط على الجامعة، وتهديد استقلالها الأكاديمي عبر تجميد تمويل فيدرالي هائل بلغ 2.2 مليار دولار.

الجامعة العريقة، التي تأسست عام 1636، قبل استقلال الولايات المتحدة بـ140 عاماً، وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام أقوى إدارة في العالم، بعد أن رفضت الامتثال لقائمة مطالب شملت إلغاء برامج التنوع الثقافي، قمع النشاط الطلابي المؤيد لفلسطين، تسليم بيانات الطلاب الدوليين، والخضوع لمراجعة فكرية خارجية.

ما الذي فجّر الخلاف؟

في أبريل/نيسان 2025، وجهت إدارة ترامب “رسالة مطالب” شملت شروطاً غير مسبوقة مقابل استمرار التمويل الفيدرالي. من بين هذه الشروط:

  • إلغاء برامج التنوع والشمول (DEI): والتي تشمل دعم الطلاب من خلفيات ثقافية مختلفة، وتدريب الكوادر الأكاديمية على مواجهة التحيز.

  • قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين: متهمة الجامعة بالتساهل مع “معاداة السامية”.

  • تسليم بيانات تفصيلية عن الطلاب الدوليين: خاصة المشاركين في نشاطات تعتبرها الإدارة “غير قانونية أو خطيرة”.

  • الخضوع لمراجعة فكرية خارجية: حول “تعددية الآراء” داخل الجامعة.

جامعة هارفارد رفضت جميع هذه المطالب، واعتبرتها تعدياً على الحريات الأكاديمية والخصوصية، مؤكدة أنها “لن تكون أداة لأي سلطة تنفيذية تسعى لمراقبة طلابها أو التحكم في مضمون التعليم”.

هارفارد ليست مجرد جامعة. إنها أقدم وأغنى جامعة في العالم، حيث تقدر أصولها الاستثمارية بأكثر من 50 مليار دولار. وقد تخرج منها ثمانية رؤساء أمريكيين، أبرزهم جون آدامز، جون كينيدي، جورج بوش الابن، وباراك أوباما، إلى جانب رواد اقتصاد وتكنولوجيا مثل جيف بيزوس، بيل غيتس، ومارك زوكربيرغ.

لكن رغم هذا النفوذ، لم تسلم من هجوم إداري غير مسبوق، وصفه أساتذة القانون بأنه “غير قانوني، متعجل، وغير قابل للصمود قضائياً”. وأشارت الجامعة في دعواها إلى انتهاك إدارة ترامب لقانون “الإجراءات الإدارية” (APA) لعام 1946، الذي يلزم الجهات الفيدرالية باتباع خطوات واضحة قبل اتخاذ قرارات كبرى.

جاء في بيان الدعوى: “الحكومة أصدرت قرار تجميد التمويل دون تحذير أو فرصة للتعاون الطوعي، مما يعد انتهاكاً صارخاً لقوانين الإنفاق الفيدرالي.”

وحذّرت الجامعة من أن الاستمرار في هذا النهج قد يؤدي إلى إيقاف أبحاث طبية وعلمية حيوية، ويهدد مستقبل آلاف الطلاب، خاصة من الدول النامية.

رد ترامب والبيت الأبيض:

بينما لم تصدر ردود قانونية رسمية بعد، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: “هارفارد وضعت نفسها في هذا الموقف بسبب رفضها الالتزام بالقانون الفيدرالي”.

وأكد مسؤولون في الإدارة أن التمويل لن يعود “إلا إذا خضعت الجامعة لشروط الدولة”.

أزمة هارفارد ليست مجرد نزاع بين جامعة وإدارة. إنها معركة حول معنى “استقلال التعليم”، وحول ما إذا كانت المؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة ستخضع مستقبلاً لرقابة سياسية على ما يُدرّس فيها ومن يُدرّس. كما أن تزامن الأزمة مع تصاعد الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين أعطاها بعداً أيديولوجياً وجيوسياسياً عميقاً.

وفي ختام بيانها، قالت الجامعة: “حرية التعبير، وخصوصية طلابنا، واستقلاليتنا الأكاديمية… كلها خطوط حمراء لا يمكن التنازل عنها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button