
962 – لطالما تسللت تمور الاحتلال الإسرائيلي على مدار أعوام ماضية، إلى موائد الصائمين في الكثير من الدول العربية والإسلامية، إلا أن انتشار حملات المُقاطعة لمُنتجات الكيان الصهيوني، منذ العدوان الوحشي على قطاع غزة في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، قطع الطريق على الكثير من شحنات التمور.
وتُشير تقارير اقتصادية إلى أن حجم سوق التمور العالمي يبلغ نحو 8 ملايين طن سنوياً، ينتج الاحتلال الإسرائيلي منه حوالي 40 ألف طن، بتركيز تبلغ نسبته 80 % على صنف المجهول الذي يعود موطنه الأصلي إلى المغرب العربي.
ويأتي مُعظم تمر الكيان الغاصب من المُستوطنات في الضفة الغربية المُحتلة، وعلى رأسها مستوطنة “الغورن”، وينتج الاحتلال 30 ألف طن سنوياً من تمر “المجهول” بما يُعادل 75 % من إجمالي إنتاجها للتمور.
ويعاني منتجو التمور في دولة الاحتلال خلال رمضان الحالي للعام الثاني على التوالي صعوبةً في توزيع منتجاتهم بسبب الحرب على غزة وحملات المقاطعة، بحسب موقع “ميدل إيست آي”.
وبدأت لجان وحركات مُقاطعة، منها “اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان”، ومقرها بريطانيا، دعوة جميع المسلمين وغيرهم إلى مقاطعة تمور الاحتلال الإسرائيلي في رمضان الحالي، والمُساعدة في نشر الوعي ومُكافحة بيعها في المتاجر.
ودعت اللجنة، في بيان بـ18 شباط (فبراير) الماضي، إلى كشف تحايل شركات الاحتلال الإسرائيلي بوضع علامات على مُنتجاتها تُشير إلى أنها من فلسطين، أو عدم وضع بلد المنشأ على العبوات على الإطلاق، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون البريطاني.
وتقول صحف الاحتلال إن المُنتجين يضطرون إلى التحايل وإزالة اسم إسرائيل من على مُنتجاتهم كي يتمكنوا من بيعها بعد حملات المقاطعة في الدول العربية والإسلامية والجاليات في أوروبا، لكن أنصار حملات المقاطعة كشفوا أمرهم.
وخلال الأعوام 2021 و2022 و2023 انتعشت تجارة تمور الاحتلال الإسرائيلي مع موجة التطبيع التي طاولت 5 دول عربية، وأصبح التمر الإسرائيلي يُعرض علانية في معارض دول عربية.
لكن خلال العامين الحالي والماضي، أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى القضاء على تجارة تمور الاحتلال التي تُقدر ما بين 340 و500 مليون دولار سنوياً، بحسب تقرير “ميدل إيست آي”.
وبلغت قيمة صادرات تمور الكيان الصهيوني وحدها 338 مليون دولار العام 2022، فيما أقر رئيس قسم التمور في “مجلس النبات الإسرائيلي” أمنون جرينبيرج بأن “إسرائيل تواجه حملة مُقاطعة واسعة في أوروبا ضد جميع أنواع التمور الإسرائيلية”.
ودعت مُنظمات عدة مناهضة للاحتلال الإسرائيلي المُستهلكين إلى تفقد مُلصقات مُنتجات التمور في المتاجر، وحثتهم على تجنب شراء التمور التي تثبت زراعتُها في المُستوطنات التابعة للاحتلال.
وقام العديد من النشطاء ببث فيديوهات تحت شعار “لن أتناول البلح الدموي الإسرائيلي”، يحذرون فيها من تناول هذا “التمر الدموي” وضرورة تدمير هذه الصناعة الصهيونية في رمضان.
ويُطلق على التمر الاحتلال الإسرائيلي، الذي يجري تصديره للدول العربية اسم “المجهول”، لكن أصله تمر مغربي نسبوه لهم ويزرع حاليًا في إسرائيل، ويزعمون أنه “ملك التمور” في العالم، وهو خليط هجين من الأنواع الفلسطينية والعربية الشهيرة.
وكانت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية اعترفت بسرقة الاحتلال الأصناف النادرة من التمر من الدول العربية والإسلامية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حيث بدأت الحركة الصهيونية منذ العام 1924 بزرع النخيل في مُستوطنات طبريا، ونهلال، ودجانيا، وعين حرود، من أصناف مصرية، جلبها رئيس بعثة الاستيطان التابعة للهستدروت الصهيونية يوسيف فيتس.
ولاحقًا هرّبوا فسائل تمور من العراق والمغرب والجزائر وإيران ويزرعونها حالياً على طول غور الأردن ووادي عربة حتى البحر الميت، وأنتجوا أنواعاً من التمور، وعلى رأسها “تمر المجهول”.
وقال تقرير لوزارة الاقتصاد الفلسطينية إن شركات إسرائيلية مُتخصصة في تسويق التمور تنشط بالالتفاف على قرار مُقاطعة مُنتجات المُستوطنات في الأسواق الأوروبية، عبر بيع مُنتجاتها على أنها إنتاج دول عربية.
وكشفت الوزارة عن قيام بعض شركات الاحتلال الإسرائيلي باستغلال موسم قطاف التمور الفلسطينية لتمرير تمور المُستوطنات في الأسواق الدولية من خلال تعبئة هذه التمور تحت مُسميات دينية منها “هولي لاند”.
كما أنها تقوم بإغراء بعض التجار غير المحسوبين على القطاع التجاري الفلسطيني بشراء تمور إسرائيلية ومن ثم إعادة تعبئتها باسم مُنتج فلسطيني.
وسبق أن أجرت مؤسسة “أريج” الإعلامية، تحقيقاً استقصائياً، يفضح كيفية “تبييض” تمور الاحتلال الإسرائيلية، من قبل التجار الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يتم تهريبها الي مُدن فلسطينية وإعادة تغليفها بأسماء عربية.
وأطلق ناشطون مُتضامنون مع القضية الفلسطينية في الولايات المُتحدة ودول أوروبية حملة لمُقاطعة التمور المُستوردة من أسواق الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار “قاطعوا التمور الإسرائيلية”.
وشهدت مواسم رمضانية سابقة شكاوى لمُغردين عرب في المغرب ودول خليجية أنهم صُدموا عقب شراء تمور (بلح) رمضان أن العبوات مكتوب عليها (صنع في إسرائيل) وأنتجته شركات تُسمى “بات شيفا” أو “جوردان ريفر” و”جوردان بلينز”. -(العربي الجديد)