
محمود خطاطبة
حاولت جاهدًا، وعلى مدار أشهر مضت، الوصول إلى أعداد المُستشارين والخُبراء داخل الدولة الأردنية، وما يتقاضونه من مبالغ مالية، لكن وللأسف باءت جميع مُحاولاتي بالفشل.
ليس هذا بمكان من الأهمية، ولا مربط الفرس، وإنما المُهم هو الأسئلة التي تدور حول عمل أو مهام هؤلاء المُستشارين والخُبراء، وما هي الفوائد التي يُقدمونها للوطن؟، وما هي قيمة المبالغ التي يتقاضونها شهريًا أو سنويًا؟، وما هي أعمارهم؟.
تلك الفئة، التي تُقدر أعدادها بالآلاف أو لنقل بالمئات، تُكلف خزينة الدولة مئات الآلاف من الدنانير سنويًا، حتمًا الأردن في غنى عنها.. وأتحدى أن يتم الكشف عن قيمة الرواتب والمكافآت السنوية التي يتقاضونها.
هذه المبالغ المالية، التي لا يعرف أحد من أبناء الشعب الأردني قيمتها، عبارة عن رواتب أو مكافآت شهرية، يُطلق عليها “مُباشرة”، بمعنى ما يتقاضاه الخبير أو المُستشار نفسه.
ومن المعلوم أن كُل خبير أو مُستشار يحتاج إلى مُساعد، أو لنقل على الأقل موظفين اثنين أو ثلاثة من الطاقم السكرتاري، وقد يحتاج أيضًا إلى موظف “دعم لوجستي”، فضلًا عن موظف من الفئة الثالثة (مُراسل)، يُقدم خدمات لذلك المُستشار أو الخبير وضيوفه.
ومعلوم بالضرورة أيضًا أن كُل موظف من هؤلاء الموظفين يحتاج إلى راتب شهري، أو مُكافأة، سمها ما شئت، مع ما يترتب على ذلك الراتب، من تكاليف أُخرى، كالاقتطاع للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، وما إلى ذلك من مصاريف أُخرى، ممن يتمتع بها كُل موظفي الدولة في القطاع العام.. وهذا ما يُطلق عليه مبالغ مالية “غير مُباشرة”.
طبعًا كُل ذلك، ولم يتم احتساب الخدمات الأُخرى، من كهرباء وماء، وضيافة، ومكاتب، وأجهزة حاسوب، وما تحتاج إليه من صيانة على مدار العام.. ذلك يُكلف الدولة مبالغ مالية طائلة هي في غنى عنها، خصوصًا إذا ما تم استغلالها بطُرق ثانية تعود بالنفع على الكثير من المواطنين.
وقد يقول قائل بأن ذلك “مُبالغ” فيه، فيكون الرد عليه إحدى مؤسسات الدولة خصصت خلال موازنة العام الحالي ما يقُرب من ثمانمائة ألف دينار للعام 2025، تحت بند بدل عقود وشراء خدمات مُستشارين وخُبراء!.
الغريب في الموضوع أن بعض أعضاء هذه الفئة، تجاوزت أعمارهم الستين عامًا، وفي حال أشار آخر بأن هؤلاء أصحاب كفاءات، والوطن أو المؤسسة التي يعملون فيها بحاجة إليهم ولخبراتهم، فإن الرد عليه يكون “ماذا يُقدم أولئك الخُبراء والمُستشارون في الوطن؟، هل اخترعوا أجهزة مُعنية على سبيل المثال لا الحصر؟، هل تقدموا بأبحاث عادت إيجابًا على الوطن؟.
بمعنى ثان أو أصح “لا يوجد خبير بالمعنى الصحيح”، فالخبير قد يكون مُخترعًا لجهاز ما، أو كتب بحثًا أو دراسة من شأنها أن تعود بالنفع على المواطن.
هذا فقط فيما يخص المُستشارين والخُبراء، فما بالك بالمُديرين في وزارات ومؤسسات الدولة، وما يُكلفون الدولة من أموال، الشعب بحاجة إليها أكثر منهم، فمثلًا تقرير ديوان المُحاسبة لعام 2023، كشف عن وجود 66 مُديرًا بلا إدارة في وزارة الأشغال العامة والإسكان، فكيف الحال إذا ما علمت أيها القارئ والمُتابع بأنه يوجد لدينا 31 وزارة، وعشرات المؤسسات والدوائر الحُكومية!. -(الغد)